اعذرني لا استطيع

جمعهما حسن الطالع ,, فأسرته بطفولتها, هدوئها, غجريتها, عنجهيتها, وفتنته بغنجها, فأصبح لا يقوى على مفارقتها وبعد أن كلَ من الانتظار وافقت أن تلقاه ...!

أراد مفاجأتها .. فحجز طاولة حمراء لها شرفة تطل على أجمل منظر للبحر لحظة الغروب , وقام بتزيينها بنفسه ,,, مفرش أحمر ذهبي التطريز من جماليات الهند ونثر عليه ورود وأزهار تنتصفها شموع ذهبية لفت بشرائط حمراء مخمليه,, وقصاصات ورقيه عانقت الإناء بأشكالها الرائعة (( قلب, سحابه, ورقة شجره, نجمه)) خط عليها عبارات غزليه وألواح من أفخر أنواع الشوكولا توسطت الإناء...!

تمر الثواني والدقائق وكله ولع وشوق لأميرة قلبه, لكن انتابه شيئ من القلق ماذا لو لم تأت...؟؟!!

ولم تمر سوى بضع دقائق حتى زال غبار القلق من فكره, ورآها تقف أمام ناظريه وفي كامل زينتها وحلتها, خمرية البشره فاتنه وسحر عينيها لا يقاوم, ترتدي فستان أزرق بلون البحر ذلك المفضل لديه وقد زيت جيدها ومعصمها بأساور من أحجار الفيروز وخضبت كفيها بنقوش حناء رائعه ورائحة العود والبخور العربية تفوح منها في الأرجاء...!

لم يتمالك نفسه ولم يستطع مقاومة ما رأى, سبحان الله الخالق
,
"عيني عليج بارده"
هذا ما نطق به بعد دقائق من التحديق بها...!

أجلسها وجلس هو يقابلها ويرمقها بنظرات لم تعرف هي عن ماذا تنم...؟!

فبادرته قائله: أعجبني المكان كثيرا وبالأخص ما أراه حولي من رونق وجمال

فقال : لقد قمت باختيار كل ما ترين وزينت الطاولة بنفسي والحمد لله أنها نالت اعجابك

قالت : لكن لماذا تنظر إلي هكذا وتطيل النظر...؟!

قال : هل لي بطلب؟! أرجوك لا تتحدثي ولا تتفوهي بأي حرف فيكفيني ما أحس به من اثاره فأنا لا أريد أن يتقد شعوري واحساسي أكثر من ذلك, فقط كوني كما أنت كي ترتسم صورتك في مخيلتي, كي تقبع هنا في قلبي يااااه ليتني كنت "دافنشي" لأرسمك وأعلق صورتك في كل ركن من غرفتي,,, يا فاتنه لقد سلبتني لب الفؤاد وامتلكت جوارحي ...!

استرسلت قائله : أو يعقل أن يكون كل هذا الحب,, فهذا جنون لا يظاهيه أي جنون...!

قال : لقد اعجبت بك واحببتك قبل أن أراك وحلمت بك, فقد أسرني صمتك, هدوئك, ضحكتك الطفولية, تصرفاتك العفويه وجنونك الذي لا يعقل...!

أتذكرين .. عندما قلت لك "كافي" رددت ببراءة الأطفال تريد كافي أي نوع تفضل فلدي معضمها, كنت تقصدين الشوكولا وأنا في أشد حالات الغضب أنهيك عما كنت تفعلين, عندها استرسلت في الضحك وتحول ذلك الغضب والعبوس إلى ضحكات تصدأ في الأجواء...!
وتسألين وتعجبين من ما أكنه في قلبي لك...؟!

قاطع حديثهم قدوم "الجرسون" لأخذ طلب العشاء ...!

هي: بكل عذوبه ورقة الأنثى المغريه (( عصير رمان, فتوش, اسكالوب دجاج و حلوى جلاب جامو الهنديه ))

هو: بكل عنفوان الرجل الشرقي (( عصير ليمون بالنعناع, تبوله, روبيان مشوي وكريم كراميل ))

ما إن يتم تحضير الطلبات, راح يخاطبها قائلا : أتعرفين ما الذي يعجبني ويشدني إليك أكثر...!!

قاطعته الحديث قائله بكل غرور أظنني أعرف لكن لن أمنعك من التحدث

قال : ما حاجتي للتحدث إن كنت تعرفين

ردت: كسر الخواطر حرام ولا أريدها أن تكون حبيسة نفسك

قال : لقد أفحمتيني ... حسنا,, صبرك, طولة بالك وفهمك العميق للأمور ولي وأنا رجل أبحث عن إمرأة بتلكم الصفات وهذا النوع يعجبني ويغريني

ردت قائله : ها قد تحققت أمنية كنت ترجوها

طرق الباب من جديد فإذا بالجرسون يحضر طاولة الطعام لهما ...!

كانت شاردة الذهن,, مشوشة التفكير وتحول نظراتها إلي ما حولها ....!

أخذ يحدق بها ويطيل النظر لمعرفة ما يدور في خلدها وما يشغلها في حضوره ...؟؟!

وما إن فرغ الجرسون من الإعداد والترتيب حتى بادر هو بتدليلها وكان يريدها أن تقوم بالمثل, لكن صمت غريب ورهيب عم المكان ولا تزال هي مسترسله في الشرود...!

فسألها : إلام تنظرين ؟؟ مذ جلست وأنت تطوفين بنظراتك في الأرجاء وإلى كل ما هو حولك ولا تنظرين إلي...؟! وثمة ما يشغلك ...!

قالت : وقد سبقتها دمعة منخنقه انحدرت من مقلتيها, ليتني أستطيع النظر إليك, فعينان تظللهما غشاوة معتمه إن نظرت إلى شخص غيره...!

مدارات من الأسئله طوقت فكره وأصابه ذهول مما سمع وتشخصت عيناه واسترسل قائلا : أحس بالعطش ألن تسكبي لي كوب ماء وتروي ظمئي..؟!

ردت قائله : أعذرني.. فكوب الماء ثقيل لن تقوى على حمله يدي, فهي لم تعتد بأن تحمله لأحد سواه...!

قال : يكفيك هكذا مزاح, واطعميني من يديك...,,,!!

ردت : قد تسقط اللقمة من يدي وتتناثر, فأصابعي تتجمد إن لامست غير شفاهه...!

قال : لا تشطري روحي, أفصحي إلام ترمين..؟؟!!

قالت : أحبه,, فهو يستوطن قلبي وحبه يتدفق ويتجدد في أوردتي مس جن يسكنني وأنا لا أقوى على هجره...! باختصار كل ما فيني يصرخ وينادي باسمه وأنا أريده...! ولا أقوى على حمل حب آخر غير حبه,,,!

قال : لا زلت لا أصدق ما تسمعه أذناي وإنه هناك أحد غيري..!

قالت : نعم, وأعذرني...! وشكرا لما فعلته من أجلي, وإن شاء الله ستنساني ...!

قالتها ولم ترد البقاء أكثر واتجهت نحو الباب مودعة إياه قائله : "أعذرني لا أستطيع"...!

وانطفأت أضواء شموع الطاولة الحمراء, ودقت أجراس الوداع وقرعت طبول الفراق مخلفة وراءها اعصار مبهم....!

يسلموا

على الموضوع الرائع

لاتقطعنا عن جديدك

شكرا لكم اعزائي

مروركم رائع مثلكم